مؤسسة الرابطة الاقتصادية تنظم ورشة عمل بعنوان آليات التسعير في الأسواق اليمنية والمعوقات الاقتصادية في ظل الإصلاحات النقدية
نظمت مؤسسة الرابطة الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، في العاصمة عدن، ورشة عمل بعنوان: "آليات التسعير في الأسواق اليمنية والمعوقات الاقتصادية في ظل الإصلاحات النقدية". وفي مستهل الورشة ألقى الدكتور حسين الملعسي رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية كلمة رحب خلالها بالحضور من وزارة الصناعة والتجارة، والغرفة التجارية والصناعية، والشركات الخاصة، والحضور جميعاً. وأوضح الدكتور الملعسي، أن عقد هذه الورشة جاء في ظل التقلبات الحادة في الأسعار نتيجة التغيرات النقدية والإصلاحات الجارية، الأمر الذي يجعل ضبط الأسعار وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي قضية وطنية بامتياز، كونها تمس حياة كل مواطن. واستعرض الملعسي، التحديات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتسعير السلع إلى جانب بحث الدور القانوني والتنفيذي للدولة في حماية المستهلك وضمان العدالة السعرية. وقُدمت في الورشة عدد من أورق العمل، الورقة الأولى لوزارة الصناعة والتجارة قدمها الدكتور عاطف حسين حيدرة، وكيل قطاع التجارية الداخلية بالوزارة، بعنوان: "الأثر القانوني والإجرائي على تحسين صرف الريال اليمني وانعكاساته على التسعير في السوق اليمني"، وتطرق فيها إلى عدد من المحاور منها: التشريعات المنظمة لسوق الصرافة، حماية الريال كعملة إلزامية، الشفافية والمساءلة، أحكام إشهار وعرض الأسعار، القوانين الجمركية والضريبية والإجراءات الإدارية، رقابة الأسعار ومنع الاحتكار، حماية المستهلك والدعم الاجتماعي القانوني. واختتم الوكيل حيدرة، ورقة العمل بالتأكيد على أن استقرار العملة الوطنية يمثل ركيزة أساسية للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وأن الإصلاحات القانونية والإجرائية أداة أساسية لتخفيف الأعباء على المستهلك ولإعادة توازن الأسعار في السوق اليمني. وكانت الورقة الثانية بعنوان: "آليات التسعير في ظل تقلبات سعر الصرف والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية" قدمها الدكتور سامي محمد قاسم، رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد - جامعة عدن، تناول فيها العوامل المؤثرة في آليات التسعير، ومنها: تقلبات العملة، اللوائح والقوانين المحلية، تكاليف سلسلة التوريد العالمية، تكاليف النقل الداخلي والطاقة، كما استعرض مقارنة تغير أسعار السلع الرئيسية نتيجة لتغير أسعار الصرف خلال فترات مختلفة متتالية، وفقاً لنشرة أسعار الصرف في مجلة الرابطة الاقتصادية. وتوصل الدكتور سامي في ورقته إلى عدد من النتائج أهمها: غياب آليات واضحة للتسعير في اليمن، التقلب في أسعار الصرف يجعل من الأسواق المحلية بيئة طاردة للاستثمار مما يؤثر سلباً على المجتمع والاقتصاد، استقرار أسعار الصرف تعد خطوة أولى لتثبيت الأسعار، التسعير العادل يفيد الحكومة ويعزز الاستثمار ويساهم في تعزيز الموارد الضريبية للدولة. فيما تناولت الورقة الثالثة للمدير التنفيذي لشركة طيبات عدن للتجارة د. محمد أحمد السليمي، قدمها نيابة عنه وصفي همشري مدير مكتب الشركة، الإصلاحات النقدية الأخيرة وتأثيرها على الأسعار، المعوقات الاقتصادية المؤثرة في آليات التسعير. ولخصت الورقة أن تحقيق استقرار الأسعار في اليمن يمثل ضرورة اجتماعية وتنموية تمس الأمن الغذائي ومستوى المعيشة، ويظل هذا الاستقرار مرهوناً بقدرة المؤسسات الاقتصادية والنقدية على التنسيق والشفافية وإعادة الثقة بالعملة الوطنية من خلال تبني سياسات متكاملة تجمع بين الإصلاحات النقدية المنضبطة والسياسات الاقتصادية التحفيزية، وأن الإصلاحات النقدية وحدها غير كافية مالم ترافقها إصلاحات هيكلية أوسع تشمل القطاع الإنتاجي والحوكمة المالية وتعزيز الشفافية التجارية. وتطرق الدكتور نمران الدبعي، أستاذ الإحصاء بكلية العلوم الإدارية - جامعة عدن، في ورقته بعنوان: "دروس من التجارب الدولية والإقليمية لتجاوز الأزمات الاقتصادية"، استعرض فيها الوضع الاقتصادي الراهن في اليمن، وتجارب دولية لاستراتيجيات التسعير، وتوصل الدكتور الدبعي إلى عدد من المقترحات، أهمها: تبني حزمة إصلاحات شاملة ومتكاملة، إدارة سعر الصرف بمرونة، تعزيز استقلالية البنك المركزي، إعادة بناء الثقة بالعملة المحلية، توسيع شبكة الحماية الاجتماعية، تحفيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات. وجاءت الورقة الأخيرة بعنوان: "تطورات أسعار القمح في عدن والعوامل المؤثرة عليها" قدمتها الدكتورة نهال عكبور، أستاذ مساعد في قسم اقتصاد الأعمال، تناولت فيها حركة أسعار القمح في عدن خلال الفترة (2018-2024م)، العوامل المؤثرة على سلعة القمح، منها: أجور النقل، والجمارك، رسوم المواصفات، الجبايات غير القانونية، وكذا عملية تحويل العملة الجديدة بالعملة القديمة لنقلها من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وهذا يشكل عبئ على التاجر نتيجة انقسام النظام المالي والمصرفي. وعقب تقديم أوراق العمل تم فتح باب النقاش للحاضرين. حيث علّق رئيس الغرفة التجارية والصناعية الأستاذ أبو بكر باعبيد، حول عدم انضباط مؤسسات الدولة بحيث ينعكس ذلك على ضبط الأسعار في السوق، وأشار إلى نماذح الأسواق في الدولة المجاورة وكيف نهضت بدون أي موارد طبيعية. كما شارك عدد من الحاضرين من القطاع الخاص بمداخلات تحدثت حول موضوع الورشة والرؤى والمقترحات للخروج برؤية تساهم في إيجاد حلول منطقية. وعقب تقديم أوراق العمل وفتح المداخلات للمشاركين خرجت الورشة بعدد من التوصيات: 1. أشاد المشاركون بالإصلاحات النقدية المنفذة من قبل السلطات ونتائجها المتمثلة في تحسين سعر صرف الريال وأكدوا على تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية مساندة من أجل مزيداً من الاستقرار في صرف الريال وانخفاض أسعار السلع والخدمات الأساسية . ٢. أشاد المناقشون بتشكيل لجنة تنظيم وتمويل الاستيراد ودعوا الحكومة والقطاع الخاص إلى دعم جهود ونشاطات اللجنة من أجل توفير العملة اللازمة لتأمين السوق بالسلع عبر انتظام سلاسل الإمداد وتوفير السلع بأسعار معقولة . 3. ناشد المجتمعون الأطراف ذات المصلحة على تكاتف الجهود من أجل الحد من فوضى الأسعار وخاصة السلع الغذائية و بالتنسيق مع محافظي المحافظات والسلطات المحلية مع ضرورة الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة بعيداً عن التصرفات العشوائية. 4. أوصى المناقشون إصدار قرارات تلزم المتعاملين بالسلع بنشر الأسعار علناً عبر منصة مخصصة لذلك وتقبل شكاوي المستهلكين . 5. دعا المشاركون إلى الوقف الفوري لفرض الإتاوات غير المشروعة المأخوذة من التجار بطريقة غير رسمية مهما كان نوعها أو سببها لأنها تساهم في رفع الأسعار . 6. التأكيد عند وضع آليات تسعير عادلة في السوق اليمنية مراعاة كافة التكاليف التي يتحملها التجار من رسوم وتكاليف تأمين ونقل داخلي وخارجي و التنسيق المشترك بين الحكومة والسلطة المحلية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني من أجل الالتزام بحساب الأسعار دون الإضرار بأي من التاجر أو المستهلك . 7. اقترح المناقشون إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحماية المستهلك ودعمها وتوفير متطلبات عملها كمنظمة مستقلة و كضرورة ملحة. 8. إن استقرار أسعار صرف الريال يعتبر الخطوة الأولى لتسعير عادل ثابت لذلك لابد من إيجاد خطط واضحة للحفاظ على استقرار أسعار الصرف مع وضع آليات لمنع المضاربات في العملة وتعزيز قوة العملة الوطنية وحشد الموارد من العملة المحلية والأجنبية في البنك المركزي اليمني كضمان أساسي للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. 9. أكد الحاضرين أن دعم الصناعات الوطنية والإنتاج الزراعي و السمكي هي خطوات مهمة يجب أن تقوم بها الحكومة لتلبية الطلب من السلع عبر توفير البديل المحلي للمنتجات المستوردة مما يساهم في تخفيض الأسعار وتحقيق الاستقرار للسوق. 10. أشار المناقشون إلى أن توسيع نطاق الإصلاحات النقدية و توجيه الإصلاحات الى اقتصادية شاملة لتشمل تحسين بيئة الأعمال وتبسيط إجراءات الاستثمار وتسهيل حركة رأس المال المشروع بما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وبالتالي استقرار اقتصادي مستدام. 11. أوصت الورشة الأطراف ذات المصلحة بنشر الوعي الاقتصادي والمجتمعي عبر تنفيذ برامج توعية اقتصادية تستهدف المستهلكين والتجار على حد سواء لتعزيز ثقافة التعامل العادل وتشجيع الثقة والاستقرار في السوق المحلية. 12. شدد الحاضرين أنه لا يمكن تحقيق استقرار الأسعار من خلال أدوات نقدية منفردة، بل عبر تزامن الإصلاحات النقدية مع إصلاحات مالية واقتصادية وإنتاجية، من خلال دمج الإصلاحات المالية مع الإصلاحات النقدية (إعداد موازنة رسمية، وتحسين تحصيل الإيرادات والانفاق العام، وضبط الجمارك والضرائب، ومراقبة دعم السلع الاستراتيجية بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق العام، وتحسين تحصيل الإيرادات غير النفطية، وإعادة توجيه الدعم نحو الفئات الأكثر ضعفًا فسياسات التسعير تنجح أكثر عندما تكون جزءًا من حزمة إصلاحيات تشمل السياسة المالية والسياسة النقدية. 13. أوصى المشاركون ضرورة وأهمية تعزيز استقلالية البنك المركزي بحسب القانون وتفعيل أدوات الرقابة المصرفية الموحدة، بما يرسّخ الثقة في السياسة النقدية ويضمن استقرار النظام المالي، ومنع التمويل عبر العجز لضمان استقرار سوق الصرف وبالتالي استقرار الأسعار . 14. شدد الحضور على توسيع شبكة الحماية الاجتماعية ويكون الدعم مستهدف بدلاً من الدعم شامل من خلال التحويلات النقدية المباشرة بدلاً من الدعم العيني، لضمان وصول الدعم للفئات المستهدفة وتقليل الهدر والفساد. 15. دعا المجتمعون الى إنشاء مخزون استراتيجي للسلع الأساسية من خلال تخزين كميات من القمح والأرز والسكر والدقيق تكفي لـ 3-6 أشهر، وضخ المخزون في الأسواق خلال الأزمات وأوقات الطلب لضبط الأسعار. 16. أوصى الحضور بتسهيل التجارة الداخلية وتوحيد الرسوم والجمارك والضرائب وإلغاء الحواجز الجمركية الداخلية وإنهاء الجبايات خارج إطار القانون والرسوم المتعددة بين المحافظات، وإنشاء نظام جمركي موحد عبر جميع الموانئ البرية والبحرية والجوية ، وإصلاح وفتح الطرق الرئيسية بين المحافظات لتسهيل نقل السلع وخفض تكاليف النقل الامر الذي يساعد على خفض الاسعار .